[rtl]بمناسبة إسبوع البصخة المقدسة[/rtl]
[rtl]فى أى شهر خرج العبرانيون من مصر، والذى فيه يكون الفصح ؟[/rtl]
[rtl]عندما نقرأ سفر الخروج فى النسخ العربية المتداولة ، وكذلك أغلب النسخ الإنجليزية ، فإننا سنجد أنه مكتوب عن أول أيام الخروج من مصر(والذى هو الفصح): [اليوم أنتم خارجون فى شهر أبيب] خروج13: 4 ، فيتبادر لذهن القارئ القبطى على الفور أن المقصود هو شهر أبيب المصرى القبطى ، فهل هذا صحيح؟ [/rtl]
[rtl]الإجابة :=[/rtl]
[rtl]أولاً ،لا يمكن أن يكون شهر أبيب المصرى القبطى ، لأن مواصفات هذا الشهر تختلف كلية عن مواصفات شهر الخروج![/rtl]
[rtl]لذلك ، فلنرجع للمصادر الموثوق فيها ، فماذا تقول النسخة السبعينية ؟ وهى النسخة التى إعتمدها رب المجد وتلاميذه وسارت عليها كل الكنيسة شرقاً وغرباً وهى التى تعتمد عليها حتى الآن الكنائس التقليدية وعلى رأسهم الكنيسة القبطية فى ترجمتها القبطية .[/rtl]
[rtl] ( ولم يبدأ التخلى عن السبعينية إلاَّ بعد تلمذة مارتن لوثر على حاخامات اليهود أثناء رحلته إلى روما ، وتصديقهم والإنسياق وراءهم.) [/rtl]
[rtl] فالكنيسة القبطية تتبع الترجمة القبطية المترجمة عن السبعينية ، وهى أدق الترجمات لأنها معمولة منذ القرون الأولى بواسطة علماء الكنيسة فى فترة كانت اللغتين القبطية واليونانية معاً لغة حديث حيّة فى مصر، وكانت اليونانية هى لغة كتابات كل القديسين الأقباط فى ذلك الزمان ، إذ كان الإستعمار اليونانى مستمراً منذ القرن الثالث قبل الميلاد ، وكذلك الإستعمار البيزنطى كانت لغته هى اليونانية أيضاً ، برغم تسميته بالإستعمار الرومانى لأن مصر كانت تتبع الإمبراطورية الرومانية الشرقية التى كانت لغتها هى اليونانية . ولطول زمان الإحتلال كانت اللغة اليونانية قد تمكنت جداً فى مصر ، خصوصاً بعدما جعلوها لغة الدواوين وكل المعاملات الرسمية ، فلكل هذه الأسباب كان المترجمون الأقباط من اليونانية إلى القبطية على أعلى مستوى فى إتقان اللغتين معاً.[/rtl]
[rtl]+++ فماذا تقول السبعينية فى نسختها اليونانية وفى نسختها القبطية أيضاً؟[/rtl]
[rtl] تقولان نفس الشيئ بالضبط ، وهو: "شهر القمح الجديد" ، وليس أبداً شهر أبيب![/rtl]
[rtl]ثانياً : فمن أين جاءت كلمة "أبيب" هذه؟[/rtl]
[rtl]++ جاءت من خطأ المترجمين ، الذين تخلوا عن السبعينية الواضحة وضوح الشمس ، والمعتمدة من الرب ومن تلاميذه ومن قديسيى العصور الأولى كلهم ، وإتجهوا للعبرانية ، فوقعوا فى فخاخها.[/rtl]
[rtl]++ فالكلمة العبرية المستخدمة هنا هى: אביב ، وتُنطق "أبيب" (الكتابة العبرية أيضاً من اليمين لليسار: أ ب ي ب) ، ولكن معناها ليس هو الكلمة الفرعونية أبيب ، التى يتسمى بها الشهر المصرى القبطى (مجرد تشابه ألفاظ مثلما يحدث كثيراً فى اللغات المختلفة)، بل إنها كلمة عبرية معناها: "سنبلة" أو القمح الجديد (أو سنابل الفريك بحسب تسميتنا المصرية ، وهو الذى نستخدمه يوم أحد الشعانين) ، فالتعبير العبرى: "شهر أبيب" يعنى: "شهر السنبلة" أو شهر الفريك ، أى الشهر الذى تنعقد فيه السنابل الجديدة بما تحويه من القمح الجديد (أو الفريك) ، وهو ما يكون فى فصل الربيع.[/rtl]
[rtl]وهذا الأمر يتضح جداً من وصف الكتاب المقدس لهذه الفترة ، مثلما يتضح عند فحص السبعينية والترجمات القديمة عنها ، كالقبطية ، والسريانية ، واللاتينية ، ويتضح عند فحص القواميس المختلفة .[/rtl]
[rtl]ثالثاً- وهل أعطى الكتاب المقدس صفات مميزة لشهر الخروج (البصخة) بأنه فى الربيع ؟[/rtl]
[rtl]++ نعم وبكل وضوح ، فقبيل فترة الخروج مباشرة ، كانت الضربات العشر ، وفى الضربة السابعة مكتوب: [ الكتان والشعير ضُربا، لأن الشعير كان مسبلاً والكتان مبزراً ، وأما الحنطة والقطانى فلم تُضربا لأنها كانت متأخرة ] خروج9: 31و 32 .[/rtl]
[rtl]++ ومن ذلك نعلم أن هذه الفترة كانت فى بدايات فصول الحصاد المصرية التى كانت تبدأ بشهر برمهات (يبدأ من منتصف مارس ، وإلى الآن يقولون: فى برمهات روح الغيط وهات) ثم برمودة ، ثم ينتهى موسم الحصاد بشهر بشنس (بشنس يكنس الغيط كنس) ، أى أن الضربات السابقة للخروج كانت فى فترة بدأ تكون حبوب بعض المحاصيل وليس كلها ، وهو ما لايمكن أن يكون فى شهر أبيب المصرى ، لأنه من شهور الفيضان التى كانت المياه فيها تغمر كل الأرض الزراعية تماماً (منذ فجر التاريخ وحتى بناء السد العالى فى الستينات) لأن ذلك يتناقض مع وصف سفر الخروج لهذه الفترة بأن الشعير كان مسبلاً والكتان كان مبزراً.[/rtl]
[rtl]++ ثم بعد ذلك حدثت بقية الضربات الثلاثة الأخرى المتسارعة والتى إنتهت بخروج شعب العهد القديم ، وأثناء الخروج قال لهم الرب: [اليوم أنتم خارجون فى شهر أبيب(قبطى ويونانى: القمح الجديد أو الفريك)] خر13: 4 ، أى: شهر السنبلة أو القمح الجديد الأخضر أو الفريك -مثلما سبق التوضيح- وقد جعل الله لهم "السنبلة الجديدة" علامة للتذكير "بالحياة الجديدة" ، حياة الحرية التى وهبها لهم من بعد العبودية ، فالسنبلة الجديدة (أو الفريك) أصبحت رمزاً للحياة الجديدة ، وقد جعل لهم الرب السنبلة الجديدة ، من تقدمات البكورات ، لذلك نجد نفس هذه الكلمة العبرية "أبيب אביב " تُستخدم فى لاويين2: 14 ، ولكن المترجم هنا لم يضع لفظها العبرى : "أبيب" (אביב : أ ب ي ب) بل ترجمتها لمعناها الصحيح : الفريك ، أى السنابل الجديدة أو القمح الجديد الأخضر: [إن قدمت تقدمةً باكورات للرب ، ففريكاً(אביב أبيب) مشوياً بالنار] لا2: 14 .[/rtl]
[rtl]++ ويحتفل اليهود حالياً بعيد الفصح فى شهر الربيع ، وهم يترجمون "تث 16: 1" هكذا : إحتفلوا بفصح الرب إلهكم فى شهر الربيع نيسان (الشهر اليهودى) ، إذاً فحتى الآن لا يترجم اليهود كلمة أبيب العبرية بحسب منطوقها ، بل يترجمونها بكلمة الربيع وشهر نيسان اليهودى ، ولأن الله أمر بجعل هذا الشهر (شهر السنابل الجديدة) هو أول شهور العبرانيين (خروج12: 2)، فإنهم حتى الآن يبدأون سنتهم العبرية فى فصل الربيع [/rtl]
[rtl]+++++[/rtl]
[rtl]رابعاً – وماذا تقول الترجمات القديمة للتوراة ؟[/rtl]
[rtl]لأن الكلمة العبرية لا يصح أن تُترجم على نفس لفظها -مثلما يحدث مع الأسماء- لذلك فإن جميع الترجمات التاريخية بلا إستثناء قامت بترجمتها بحسب معناها: سنابل القمح الجديد (الفريك فى العامية المصرية) ، أو بما يشير إلى ذلك :=[/rtl]
[rtl]أ – السبعينية: ἐν μηνὶ τῶν νέων ، أى فى شهر الجدداء ، وهو ما يعنى السنابل الجدداء.[/rtl]
[rtl]ب – القبطية: ⲡⲓⲁⲃⲟⲧ ⲛⲧⲉ ⲛⲓⲃⲉⲣⲓ = Pi avot ente niveri ، أى شهر الجدداء ، مثل السبعينية تماماً.[/rtl]
[rtl]ج – السريانية: ܒܝܪܚܐ ܕܗܒܒܐ ، الكلمة الأولى تعنى شهر والكلمة الثانية ܕܗܒܒܐ مشتقة من كلمة ܕܗܒ أى الذهب ، والقمح كان يُكنى به بالذهب ، مثلما نقول عنه فى أمثلتنا: الذهب المنثور ، وذلك لأنه مصدر الرخاء (وذلك يتشابه مع تسميتنا للقطن بأنه الذهب الأبيض).[/rtl]
[rtl]د – اللاتينية(الفولجاتا): hodie egredimini mense novarum frugum = this day you go forth in the month of new corn[/rtl]
[rtl]أى: شهر القمح الجديد (وهو ما نسميه الفريك فى المصرية العامية)[/rtl]
[rtl]ه – وفى نسخة التوراة السامرية المترجمة للعربية (ترجمها كاهن سامرى فى القرن ال 12) ، فإنهم لم يترجموا الكلمة العبرية (أ ب ي ب) إلى أبيب ، بل : شهر "الدجن" ، والمقصود به هو الجديد أو أى الإنتاج الجديد من البذور اللينة أو الطرية أو الجديدة ، وفى كل الأحوال ، فهذه الترجمة اليهودية تدل على أن اليهود العارفين بالعبرية جيداً ، كانوا منذ القديم يعلمون أن الكلمة العبرية أبيب لا تعنى شهر أبيب المصرى ، كما لو كان إسم علم لا يُترجم ، بل إنهم ترجموها بما كان مُتداولاً فى زمنهم من اللغة العربية للتعبير عن الربيع أوالقمح الجديد.[/rtl]
[rtl]وهذا يتطابق مع ترجمة اليهود الحاليين بأنه: شهر الربيع أو شهر نيسان [/rtl]
[rtl]++++++[/rtl]
[rtl]خامساً – وكيف ترجمت القواميس العبرية هذه الكلمة אביב (أ ب ي ب) [/rtl]
[rtl]ترجمتها القواميس بمعناها العبرى ، وليس إطلاقاً بحسب لفظها أبيب ، ولم يقل أحد بأنها إسم لشهر أبيب المصرى القبطى ، فمن ذلك :=[/rtl]
A - (a complete hebrew-english pocket-dictionary to the old testament):=
Ear, ears of barley, month of the ears, first month in the spring.
B – (dictionary of targumim talmud and midrashic literature Part 1):=
early stage of ripening, esp. of grains, season of beginning barley-crop, the ripening of the equinoctial season that it be in the month of Nissan
[rtl]مرحلة مبكرة من النضوج للحبوب خاصة ، موسم بداية محصول الشعير (القمح) ، نضوج الموسم الإعتدالى الذى هو شهر نيسان[/rtl]
C – ( Strong's Hebrew Dictionary ):
24 'abiyb aw-beeb'
; green, i.e. a young ear of grain; hence, the name of the month Abib or Nisan:--Abib, ear, green ears of corn .
[rtl]أخضر ، أى سنبل القمح الغض ، إسم شهر أبيب أو نيسان ، سنبل ، سنابل خضراء من القمح[/rtl]
[rtl] (ملحوظة: هنا يذكر كلمة أبيب بإعتبارها تعنى شهر نيسان الذى هو من شهور الربيع اليهودية ، وليس شهر أبيب القبطى المصرى الذى يقع فى يوليو وأغسطس)[/rtl]
[rtl]+++++[/rtl]
[rtl]وملحوظة جانبية: وهى أن شهور السنة القبطية إبتكرها المصرى القديم العبقرى –بانى الأهرامات- منذ أكثر من 5000 سنة ، وأسماها بأسماء تدل على حالتها ، فمثلاً أمشير مأخوذ من مشير إله الزوابع ، وهاتور مأخوذ من هاتهور إله الخصب (أو التخصيب) لأنه فيه يتم وضع البذار فى الأرض ، وهكذا فهذه التسميات مرتبطة بحالة المناخ ، وبرغم مرور أكثر من 5000 سنة ، مازالت الشهور القبطية تعبر بنسبة 100% عن واقع الحالة المناخية . فلو كان فى السنة القبطية أى عيب ، لما إستمر هذا التطابق المدهش على مدار هذه الألاف من السنين ، وهو مايدركه الإنسان المصرى جيداً ، فإنه يعرف فى أى شهر قبطى سيكون الجو قارص البرودة وفى أى شهر قبطى سيكون الجو شديد الحرارة ، كما يعرف الفلاح المصرى (خصوصاً قبل السد العالى ، عندما كانت الدورة الزراعية أحادية ومرتبطة تماماً بفيضان النيل) فى أى شهر قبطى سيبذر البذار، وفى أى شهر قبطى سيبدأ فيضان النيل ، وفى أى شهر قبطى ستنبت البراعم ، وفى أى شهر قبطى سيحصد المحصول. [/rtl]
[rtl]++ وعلى هذا القياس فإن شهر أبيب المصرى كان -ومازال- هو أول شهور فيضان النيل التى كانت تغرق الأرض إغراقاً.[/rtl]
[rtl]++ أما شهر برمهات ويليه شهر برموده فقد كانا ومازالا أول شهور الإثمار وتفتح الورود ، أى الربيع ، والذى ينبغى أن يكون فيهما قد حدثت الضربات العشر ، والتى إنتهت بخروج الشعب القديم فى شهر برمودة (البصخة) الذى فيه إكتمال سنابل القمح الأخضر.
[/rtl]
[rtl]++ وإلى الآن نجد شهر البصخة (العبور أو الخروج) هو شهر السنابل الجديدة ، وهو ما نلاحظه جداً يوم أحد الشعانين ، إذ تزدان الكنائس بسنابل الفريك أو القمح الجديد ، علامة على الحياة الجديدة فى الحرية التى وهبها لنا رب المجد ، بالخروج من سلطان إبليس والعبور إلى سلطان التبنى للإله القدوس صانع الرحمة والخيرات الأبدية.[/rtl]